نتنياهو: فقدت الثقة برئيس "الشاباك" وسأقيله

16 مارس 2025

في خطوة متوقعة، استدعى رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، رونين بار، إلى جلسة طارئة في مكتبه ليعلن أمامه نيّته إقالته، تماماً كما فعل مع مسؤولي المنظومة الأمنية، إمّا بإقالتهم مباشرةً كحال وزير الأمن السابق يوآف غالانت، أو بالضغوط التي مارسها على رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق هرتسي هليفي؛ حيث دفعه لتقديم استقالته "طوعاً". ولم يمضِ وقت على انتهاء الجلسة، حتّى أصدر مكتب نتنياهو بياناً، مساء اليوم الأحد، قال فيه إن الأخير أبلغ بار أنه سيضع على طاولة الحكومة هذا الأسبوع مقترح الإقالة. ومن المزمع طرح مقترح الإقالة يوم الاربعاء المقبل، بحسب الإعلام العبري.

التوترات بين نتنياهو وبار تفاقمت حدّتها مؤخرًا، خصوصًا بعد إقصاء الأولِ الثانيَ وإزاحته من مطبخ المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار مع حركة حماس، وتعيين وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، المقرّب من نتنياهو، بدلاً منه، إلى جانب إرسال نائب الأخير، المشار إليه بالحرف "ميم"، ضمن أعضاء الوفد المفاوض، والمرشح لخلافته بالمنصب. وتأتي هذه الخطوات وفق مراقبين على خلفية ما يسمى قضية "قطرغايت".

إقصاء رئيس الشاباك صاحبه أيضًا محاولات من نتنياهو في الأيام الماضية بإقناعه تقديم استقالته، وعلى ما يبدو بعدما رفض بار ذلك، قرر نتنياهو إقالته بنفسه، وفق ما نقل "واينت" عن أوساط دائرة رئيس الحكومة. الأخير، وبعد اجتماعه مع بار اليوم، نشر شريطًا مصوّرًا أوضح فيه أسباب قراره، مبررًا الأمر بـ"انعدام الثقة المتواصل". وكما زعم، فإن "إسرائيل توجد في حرب وجودية، وتقاتل في سبع جبهات. وفي جميع الأوقات، وخصوصاً في لحظة الحرب الوجودية، ينبغي أن يكون لدى رئيس الحكومة ثقة كاملة برئيس الشاباك". وأضاف: "غير أنه لأسفي، الوضع نقيض ذلك تماماً، لا توجد لدّي ثقة كهذه".

نتنياهو أضاف أن انعدام الثقة بينه وبين بار "تعاظم وتفاقم بمرور الوقت". وبينما شدد على أنه يُقدر عناصر الجهاز بسبب ما يقومون به لخدمة أمن إسرائيل وحمايتها، لفت إلى أنه "بصفتي رئيس الحكومة المسؤول عن الشاباك، فأنا على يقين من أن هذه الخطوة ضرورية لإعادة تأهيل المنظمة، وتحقيق جميع أهداف حربنا، ومنع الكارثة المقبلة".

وعلى الرغم من أن بار لم يكن يخطط أساسًا لاستكمال ولايته، إلا أنه لم يكن يخطط أيضًا للاستقالة، أقله حتى مايو/ أيار المقبل. وهذه الإقالة لا تمر عبر الحكومة فحسب، وإنما ينبغي أن تمر أيضًا عبر المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف- ميارا، التي يخطط نتنياهو ووزراؤه لإقالتها هي الأخرى، وسط مسار مليء بالعراقيل والصعوبات القانونية.

وقالت المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف- ميارا، في رسالة رسمية بعثت بها لنتنياهو، إنه "لا يمكنك إقالة رئيس الشاباك، وذلك حتى يتم توضيح الأساس الواقعيّ والقانونيّ الذي يستند إليه قرارك، وتمكُّنك من معالجة المسألة في هذا الوقت".

وقال الشاباك في بيان صدر عنه، في وقت متأخر من مساء الأحد، إنه "يجب التأكيد على أن رئيس الشاباك، أوضح لرئيس الحكومة في اجتماعهما، أنه في أي قرار يتّخذه، سوف يحترم القانون".

وقبل ذلك، ذكرت مصادر في الشاباك، أنه "إذا وافقت الحكومة على إقالة رئيس الشاباك، فإنه سيحترم القرار وسيجري انتقالا منظّما لمن يُعيَّن مكانه"، ولكن في ما يتعلق بمسألة ما إذا كان بار ينوي الاستقالة، فهو ينوي القيام بذلك، فقط "في ظلّ الظروف المناسبة، وفي الوقت المناسب من منظور أمني".

🔸رونين بار يرفض القرار: سأواصل مهامي رئيسا للشاباك 🔸

بدوره، قال بار في بيان "باعتباري رئيسا للشاباك في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تحمّلت مسؤولية الجزء الخاصّ بالجهاز، وأعلنت بوضوح أنّني أنوي إنجازه قبل نهاية ولايتي، كما كان يُتوقَّع من الجميع"، مشدّدا على أنه "من الواضح أن إقالتي لم تكن مقصودة في ضوء أحداث 7 أكتوبر، إذ أوضح رئيس الحكومة أن القرار يأتي انطلاقا من ادعائه، بوجود حالة من انعدام الثقة بيننا".

وأضاف "أجرى الشاباك تحت قيادتي، تحقيقًا شاملًا أشار إلى ثغرات استخباراتية، وعمليات داخلية في السابع من أكتوبر، وقد بدأ تصحيحها بالفعل، وإلى جانب ذلك، أشار التحقيق إلى سياسة اتّبعتها الحكومة ورئيسها لسنوات، مع التركيز على العام الذي سبق (هجوم 7 أكتوبر)؛ وكشف التحقيق عن تجاهل متعمّد ومطوّل من القيادة السياسية لتحذيرات الجهاز".

وأكّد بار أن "الحاجة إلى استجواب جميع الأطراف، بما في ذلك رئيس الحكومة والسياسة التي اتّبعتها الحكومة، وليس فقط الجيش الإسرائيلي والشاباك، اللذين قاما باستجواب نفسيهما بشكل شامل؛ أمر ضروري من أجل الأمن العام"، مضيفا "إذا لم أُصرّ على هذا، مع كل الثمن الشخصيّ الذي سأدفعه، سأكون قد انتهكت واجبي تجاه الأمن القومي".

وقال رئيس الشاباك إن "البحث عن الحقيقة هو قيمة عُليا لدى الشاباك، وحقّ الجمهور في معرفة ما أدى إلى (هجوم 7 أكتوبر)، وانهيار مفهوم الأمن لدى دولة إسرائيل".

وتابع قائلا "إنّ مسؤوليتي العامّة، هي الأساس لقراري بالاستمرار في منصبي في المستقبل القريب، في ضوء احتمال التصعيد والتوترات الأمنية العالية، واحتمال حقيقيّ للعودة إلى القتال في قطاع غزة، والذي يلعب الشاباك فيه دورا مركزيًّا".

وذكر أنه "بالإضافة إلى ذلك، يجب عليّ أن أفي بالتزاماتي بإعادة المحتجزين، واستكمال عدد من التحقيقات الحساسة، وإعداد مرشحين اثنين على النحو الأمثل ليحلّوا محلّي في اختيار رئيس الحكومة، كما يقتضي الوضع الرسمي للشاباك، والحساسية الشديدة للشاباك، بحكم تعيينه، وبحكم القانون الذي يمنحه صلاحيات واسعة وحسّاسة للغاية".

وقال بار "في اجتماع سابق أبلغت رئيس الحكومة، أنني أنوي استكمال ما ورد أعلاه قبل الاستقالة من منصبي بالتنسيق معه، في ضوء مسؤوليتي تجاه الجمهور وأمن الدولة، وعمل جهاز الأمن العام لصالح دولة إسرائيل".

وتابع رئيس الشاباك "إن واجب الثقة الذي يقع على عاتق رئيس الشاباك، هو في المقام الأوّل والأخير تجاه مواطني إسرائيل؛ وهذا التصوّر، هو أساس كل أفعالي وقراراتي"، مضيفا أن "توقُّع رئيس الحكومة بواجب الثقة الشخصيّ، الذي يتعارض غرضه مع المصلحة العامّة، هو توقُّع خاطئ من حيث الأساس، ويتعارض مع قانون الشاباك، ويتعارض مع قيَم الدولة التي توجه جهاز الأمن العام وموظّفيه".

🔸"ابتزاز وتهديد نتنياهو بالبث المباشر" 🔸

ولئن بدا قرار نتنياهو متوقعًا، فقد رُبط أيضاً بتطورات الأيام الماضية؛ حيث قررت الشرطة الإسرائيلية استدعاء رئيس "الشاباك" السابق نداف أرغمان بشبهة "تهديد وابتزاز نتنياهو" الذي كان قد توّجه، يوم الجمعة الماضي، بشكوى ضدّه لدى الشرطة. وخلفية الشكوى تعود لتهديد أرغمان، خلال مقابلة له مع القناة 12 الإسرائيلية يوم الخميس الماضي، قال فيها إنه إذا أدرك أن نتنياهو يتصرّف خلافاً للقانون، "فسيكشف معلومات لم يكشف عنها حتى الآن"، من خلال جلسات شارك فيها نتنياهو.

وبعد مقابلة أرغمان، قال نتنياهو، الخميس الماضي، إنه يتعرّض لما وصفه بـ"حملة شاملة من الابتزاز والتهديد من قِبل رئيسَي الشاباك الحالي والسابق، بار وأرغمان". وبعد ذلك، سارع "الشاباك" إلى الردّ مؤكداً أن ذلك بمثابة "اتهام خطير ضد رئيس مؤسسة رسميّة". ووصف نتنياهو ما حصل بأنه "تجاوز لخطّ أحمر خطير آخر للديمقراطية الإسرائيلية"، مضيفاً أنه "لم يحدث قطّ في تاريخ إسرائيل، وفي تاريخ الديمقراطيات، أن يُنفذ رئيس سابق لمنظمة سرية (الشاباك) تهديدات ابتزازية بالبث المباشر ضد رئيس حكومة أثناء تولّيه مهام منصبه".

واعتبر نتنياهو أن مقابلة أرغمان هي "جريمة تُضاف إلى حملة كاملة من الابتزاز والتهديد، من خلال اللقاءات الإعلامية في الأيام الأخيرة، التي أجراها رئيس جهاز الشاباك الحالي رونين بار". ورأى رئيس الحكومة الإسرائيلية أنّ "الهدف الوحيد هو محاولة منعي من اتخاذ القرارات اللازمة، لإعادة بناء جهاز الشاباك، بعد فشله المدمِّر في السابع من أكتوبر (تشرين الأول 2023)"، مضيفًا: "ليكن واضحًا؛ التهديدات الإجراميّة على غرار المافيا لن تردعني".

وفي الشكوى التي قدّمها للشرطة يوم الجمعة، ذكر نتنياهو أن أرغمان "اختار تهديد وابتزاز رئيس حكومة خلال ولايته بالتهديدات، وباستخدام أساليب وأشكال شائعة في عالم المنظمات الإجرامية، كما لو كان رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي عضوًا في المافيا. وقد تجاوز بذلك كل الحدود". وأفيد أنّ الشرطة تخطط لاستدعاء رئيس الشاباك السابق للتحقيق في القضية.

🔸اعتراف بالفشل وانتقاد للمستوى السياسي 🔸

وسبق هذه التطورات إصدار الشاباك، مطلع الشهر الجاري، تحقيقه الداخلي بشأن الإخفاقات التي أفضت إلى هجوم الـ7 من أكتوبر 2023، وفيه أقرّ الجهاز بأنه "لم يقدم تحذيرًا دقيقًا بشأن نطاق الهجوم، رغم توفر إشارات تحذيرية مسبقة". وألقى "الشاباك" باللوم جزئيًا على الجيش الإسرائيلي، وربط الأمر بضعف التنسيق الاستخباري بين الجهازين، وهو ما قاد عمليًا إلى عدم اتخاذ خطوات استباقية للحؤول دون وقوع الهجوم. ووجه التحقيق انتقادات للمستوى السياسي، خصوصًا لانتهاج الأخير "سياسة الاحتواء"، بما في ذلك السماح بتدفق "الأموال القطرية" إلى غزة، التي "أسهمت في تعاظم قوّة حماس عسكرياً"، على حد زعم نتائج التحقيق. ونفت دولة قطر الاتهامات الإسرائيلية بأن تكون مساعداتها الإنسانية المرسلة إلى قطاع غزة قد ذهبت إلى حركة حماس، قائلة إن هذه المزاعم "كاذبة تمامًا، وهي دليل على أن المتهِمين عازمون على إطالة أمد الحرب". وقال مكتب الإعلام الدولي، في بيان صحافي، إن "هذه الاتهامات مثال آخر على الانحراف المدفوع بالمصلحة الذاتية والحفاظ على الذات في السياسة الإسرائيلية".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة2007 ، يرجى ارسال رسالة: editor@yomalbadya.com - واتس-آب 972549653332

للحصول على الأخبار أونلاين تابع قناة يوم البادية على الواتساب WhatsApp