كتاب| المملكة العربية السعودية: لغز الدولة المنغلقة
15 يناير 2025
المملكة العربية السعودية، التي يبلغ عدد سكانها نحو 40 مليون نسمة، تعد لغزًا معقدًا: دولة تأسست في بداية القرن الماضي، تم تنصيبها حامية للكعبة المشرّفة، وتقف في مهب الرياح بين التطرّف الديني والتوجه الغربي، وبين اقتصاد نفطي وفقر مدقع. الكتاب ليس جديدًا ولكن لأول مرة يتم ترجمته إلى اللغة العبرية، نظرًا للتقارب بين إسرائيل والسعودية.
إنها دولة أسيرة بيد عائلة ملكية ضخمة ومعقدة، والتي بدورها مُقيدة بمؤسسة إسلامية صارمة؛ مملكة تجد صعوبة في التحرر من ثقافة الامتثال والكسل – وكل ذلك يجري تقريبًا بعيدًا عن أنظار العالم الغربي.
في الوقت الحالي، هناك توقعات بظهور تحالف إسرائيلي-أمريكي-سعودي، من شأنه أن يغيّر جذريًا ميزان القوى في المنطقة. لكن ما الذي نعرفه عن الشريك المستقبلي المنغلق، المملكة العربية السعودية؟
نافذة فريدة على عالم المملكة السعودية
الكتاب يفتح نافذة استثنائية على عالم المملكة السعودية. يستند إلى بحث معمق شمل مئات الساعات من المقابلات مع شخصيات بارزة في المملكة، ومع أصحاب القرار والمواطنين العاديين، بالإضافة إلى أكثر من ثلاثين عامًا من الخبرة في التغطية الصحفية للشرق الأوسط التي اكتسبتها المؤلفة، كارين إليوت هاوس.
تستند الصحفية إلى ثلاثة عقود من الخبرة المباشرة لتقديم صورة متكاملة عن المملكة العربية السعودية اليوم، مسلطة الضوء على قادتها، مواطنيها، تعقيداتها الثقافية، وآفاقها الدولية. من خلال المراقبة، الحكايات، المقابلات المكثفة، والتحليل، تسلط المؤلفة الضوء على المتاهة التي يجد المواطنون السعوديون أنفسهم محاصرين فيها، وتكشف عن أسرار هذه الأمة التي تعد أكبر مصدر للنفط في العالم، وعنصرًا أساسيًا للاستقرار العالمي.
صورة المملكة كواحدة من آخر الملكيات المطلقة
في هذه الصورة، تظهر السعودية كواحدة من آخر الملكيات المطلقة في العالم، مهددة بتصدعات متعددة وضغوط متزايدة، حيث تُدار أدوات السلطة بواسطة مجموعة من أمراء آل سعود المسنين. تكتب المؤلفة أن السعودية، رغم ثروتها النفطية، أصبحت دولة رفاهية متهالكة؛ فالمواطنون لا يدفعون الضرائب، ويحصلون على التعليم والرعاية الصحية مجانًا، إلى جانب المياه والكهرباء والطاقة المدعومة. ومع ذلك، فإن عائدات النفط تشتري ولاءً متناقصًا مع مرور الوقت.
الدين كأداة لإدامة الحكم
توضح المؤلفة أن العائلة المالكة تستخدم متطلبات الإسلام بالطاعة لله، والتي تمتد إلى الحكام الأرضيين، كوسيلة لإدامة حكم آل سعود. ولكن خلف الواجهة السعودية من النظام والطاعة، يظهر الشباب السعودي اليوم أكثر إحباطًا من الامتثال الاجتماعي، ويتواصلون مع بعضهم البعض ومع العالم الأوسع خارج حدود بلادهم المغلقة.
الشباب السعودي والتطلع للتغيير
حوالي 50% من الشباب السعودي يستخدمون الإنترنت، و5.1 مليون سعودي لديهم حسابات على فيسبوك. ترى المؤلفة أن معظم السعوديين لا يرغبون في الديمقراطية، ولكنهم يسعون للتغيير. فهم يريدون حكومة تقدم الخدمات الأساسية دون أن تضطرهم إلى التوسل للأمراء للحصول على المساعدات. يريدون حكومة أقل فسادًا وأكثر شفافية في كيفية إنفاق مئات المليارات من العائدات النفطية السنوية. يريدون مملكة تحكمها القوانين بدلاً من أهواء الأمراء.
يقول رجل أعمال متوسط العمر للسيدة هاوس (عقولنا في صندوق، ولكن الشباب قد تحرروا بواسطة الانترنت والمعرفة. فلن يتحملوا ما نحن عليه). ويقول شباب في العشرين من عمره (فتح فيسبوك أبواب أقفاصنا) فيما يقول مسؤول في الجامعة (الشباب لديه سيارة ومال في جيبه، ولكن ماذا يمكنه فعله؟ لا شيء. إنه يشاهد التلفزيون ويرى الآخرين وهم يفعلون أشياء لا يمكنه القيام بها ويتساءل لماذا).
مستقبل السعودية بين الاستقرار والتغيير
تناقش المؤلفة الخيارات التي تواجه المملكة: إما الاستمرار في الجمود الاقتصادي والاجتماعي مع زيادة خطر عدم الاستقرار، أو فتح المجتمع أمام المبادرات الفردية وريادة الأعمال، مع العلم أن هذا قد يهدد أيضًا سيطرة آل سعود على السلطة. كما تتطرق إلى ما قد تحمله الأجيال القادمة من الأمراء من تغييرات للمملكة.
عن المؤلفة
كارين إليوت هاوس (مواليد 1947) هي صحفية ومحررة أمريكية. درست ودرّست في معهد السياسة بجامعة هارفارد، وعملت كمراسلة لصحيفة "وول ستريت جورنال" ورئيسة تحرير قسم الأخبار الخارجية فيها. فازت بجائزة بوليتزر عام 1984 عن تقاريرها من الشرق الأوسط، وكتبت هذا الكتاب عام 2012 – أي بعد هجمات 11 سبتمبر وبالتالي كان لذلك تأثير على كتابها.
هذا الكتاب، في 308 صفحات، هو أول مؤلفاتها.