تراجم العلماء| أ.د. إسماعيل أبو سعد: سفير النقب للتنمية المستدامة
كتب: كايد أبو لطيّف | 8 يناير 2025
الأستاذ الدكتور إسماعيل أبو سعد (أبو بلال)، من مواليد بلدة اللقية في النقب، هو أستاذ بارز في سياسات وإدارة التعليم في قسم التربية بجامعة بن غوريون في النقب، ويشغل كرسي أبراهام كتسلر. يُعد أحد رواد مجال تطوير التعليم في المجتمع البدوي، الذي قام على تأسيس وإدارة مركز دراسات وتطوير المجتمع العربي-البدوي بالجامعة، وتحت قيادته، ارتفع عدد النساء البدويات الملتحقات بالجامعة من 8 طالبات فقط إلى 120 طالبة خلال أربع سنوات، وهو ما يعكس التزامه بتعزيز فرص التعليم العالي في المجتمع البدوي. حصل على درجة الدكتوراة من جامعة مينيسوتا عام 1989، وحاز على جائزة الإنجاز المتميز من نفس الجامعة في 2004.
تشمل اهتماماته البحثية سياسات وتطوير التعليم بين الشعوب الأصلية، بما في ذلك التعليم العالي، إضافة إلى دراسة القيم الثقافية والهوية الجماعية. كما يهتم بدراسة تأثير التحضر على المجتمع البدوي في النقب والسلوكيات المنظمة في سياقات متعددة الثقافات. ومن أبرز أعماله تأليف وتحرير كتب مثل "التعليم الأصلي والتمكين: منظور دولي" و"مستقبل الشعوب الأصلية: استراتيجيات للبقاء والتطوير"، و"التعليم العربي في إسرائيل وسياسة السيطرة: واقع التعليم في النقب"، كما شارك في تأليف كتاب "نسج التقاليد والحداثة: النساء البدويات في التعليم العالي" بالشراكة مع كاميليا أبو سعد وتسيبي هوروفيتس.
قدّم الأستاذ الدكتور إسماعيل أبو سعد إسهامات رائدة من خلال دراساته المتعمقة التي نُشرت في مجلات علمية مرموقة مثل "مجلة علم النفس الاجتماعي"، "مجلة سياسات التعليم"، و"التربية المقارنة". في تلك الدراسات، تناول بشكل نقدي القضايا المعقدة التي تواجه الشعوب الأصلية والمجتمعات متعددة الثقافات في أنظمة التعليم. من خلال هذا العمل الأكاديمي، لم يكتفِ أبو سعد بعرض المشكلات، بل سعى إلى طرح حلول نظرية وعملية تستند إلى فهم عميق للتحديات الهيكلية التي تعيق تحقيق العدالة التعليمية في تلك السياقات.
إن أهمية عمل أ.د. أبو سعد لا تقتصر فقط على ما تقدمه دراساته من رؤى تحليلية، بل تتمثل في قدرته على ربط البحث الأكاديمي بالأهداف العالمية للتنمية المستدامة التي اتفقت عليها الأمم المتحدة في العام 2015. هذه الأهداف الـ17، التي تشمل القضاء على الفقر، حماية البيئة، وضمان الازدهار للجميع، ليست مجرد مبادئ مجردة في نظره، بل هي إطارات عملية ترتبط مباشرةً بالعمل الميداني الذي يقوم به من أجل تحسين أنظمة التعليم في المجتمعات الهامشية. من خلال دراسة التحديات التي تواجه الشعوب الأصلية والمجتمعات المتعددة الثقافات، يعمل أبو سعد على سد الفجوة بين البحث الأكاديمي والسياسات التعليمية، ما يعزز دوره في تحقيق هذه الأهداف.
بأسلوبه المميز يُظهر أبو سعد كيف أن التعليم لا يمكن عزله عن السياقات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي يُمارس فيها. فهو ينطلق من رؤية شاملة تعتبر التعليم وسيلة لتحرير الأفراد والمجتمعات، وليس فقط أداة لتحقيق النمو الاقتصادي أو التحسين الاجتماعي. هذه الرؤية تتحدى التصورات التقليدية عن التعليم وتدفع نحو إعادة التفكير في كيفية تنظيمه ليكون أكثر شمولاً وإنصافاً. فالتحديات التي تواجه الشعوب الأصلية ليست مجرد عراقيل تعليمية، بل تعبيرات عن تاريخ طويل من الإقصاء والتهميش الممنهج، وهو ما يضعه أبو سعد في صميم أبحاثه.
إضافةً إلى ذلك، يجسد عمل أ.د. إسماعيل أبو سعد التزامًا راسخًا بتجسير الفجوات بين الأبحاث الأكاديمية والتنمية المستدامة. فهو لا يكتفي بدور الباحث المراقب، بل يرى في البحث وسيلة للتأثير في السياسات العامة وصياغة استراتيجيات تعليمية تخدم المجتمعات المحلية وتحقق تحولًا جذريًا في الحياة الاجتماعية. هذا التفاعل بين البحث النظري والممارسة العملية يعكس فهمًا عميقًا لدور الأكاديميا في المجتمع المعاصر، ويضع أبو سعد في مقدمة الباحثين الذين يسهمون بشكل مباشر في تحسين جودة التعليم وتحقيق الأهداف التنموية على المستويات المحلية والعالمية.