الجنائية الدولية تطلب مذكرة اعتقال بحق نتنياهو: "لا أحد فوق القانون"

20 أيار 2024

طلبت المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

وأوضح المدعي العامة للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أن هناك أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يتحمل المسؤولية الجنائية عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

كذلك طلبت المحكمة إصدار مذكرة اعتقال بحق وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

"لا أحد فوق القانون"

وأشار في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأميركية، إلى أن التهم الموجهة لنتنياهو وغالانت تشمل "التسبب في الإبادة، والتسبب في المجاعة كوسيلة من وسائل الحرب، بما في ذلك منع إمدادات الإغاثة الإنسانية، واستهداف المدنيين عمدا في الصراع".

وعندما ظهرت تقارير في الشهر الماضي تفيد بأن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يدرس مسار العمل هذا، قال نتنياهو إن أي أوامر اعتقال تصدرها المحكمة الجنائية الدولية ضد كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين الإسرائيليين "ستكون بمثابة فضيحة ذات أبعاد تاريخية"، وأن إسرائيل "لديها نظام قانوني مستقل" التي تحقق بدقة في جميع انتهاكات القانون.

وردا على سؤال من "سي إن إن" حول تصريحات نتنياهو، قال خان: "لا أحد فوق القانون".

ردود فعل صاخبة في إسرائيل

ونددت إسرائيل بكافة أطيافها السياسية، من اليسار حتى اليمين، بالقرار. وتجري في إسرائيل مشاورات عاجلة بهذا الصدد، حيث وصف مسؤول سياسي إسرائيل الإعلان بأنه "قرار ينطوي على نفاق وتحقير بحجم دولي".

ووصف نتنياهو القرار بأنه "فضيحة"، وتابع في أول تعليق له على قرار خان، خلال جلسة كتلة الليكود في الكنيست، بأن "هذا القرار لن يوقفني أو يوقفنا".

وقال مسؤول إسرائيلي رفيع: "مذكرات الاعتقال لن تؤثر على استمرار الحرب. إنهم يحاولون منعنا من قتل العدو، ولن ينجحوا".

أما الرئيس الإسرائيلي يتسحاك هرتسوغ فقال إنّ "القرار يشجع المخربين – ولن ننسى من اغتصب وذبح وحرق وخطف المواطنين".

وندد عضو كابينيت الحرب، بيني غانتس، بالقرار وقال إنّ "دولة إسرائيل شنت الحرب الأكثر عدالة بعد المجزرة التي نفذتها منظمة إرهابية بمواطنيها. ودولة إسرائيل تحارب بالشكل الأكثر أخلاقية في التاريخ، ولديها جهاز قضائي مستقل وقوي. ووضع قادة دولة خرجت إلى معركة دفاعية عن مواطنيها في صف واحد مع إرهابيين متعطشين للدماء هو عمى أخلاقي واستهداف لواجبها ولقدرتها للدفاع عن مواطنيها. والموافقة على موقف المدعي، ستكون جريمة تاريخية لن تُمحى".

ووصف رئيس المعارضة، يائير لبيد (ييش عاتيد)، خلال اجتماع كتلته في الكنيست، القرار بأنه "كارثة سياسية وأخلاقية"، واعتبر أنه "لا يعقل أن يتم إصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو والسنوار وهنية ومحمد الضيف بعد أن ذبحونا وأولادنا في 7 أكتوبر. هذا لا يغتفر. نحن نخوض حربًا عادلة، وليكن واضحا أننا لن نصمت على ذلك. ينبغي القول إنّ هذا فشل سياسي رهيب، فقد قمنا بشن الحرب فيما العالم كله يدعمنا. وندعو الأمريكيين من هنا، وأتوقع من الإدارة أن تدعمنا وأن يجتمع الكونغرس ويستنكر مذكرات الاعتقال".

واعتبر رئيس حزب "يسرائيل بيتينو"، أفيغدور ليبرمان، أنه "أعتقد مسبقا أن المحكمة معادية. الجميع ضدنا. وعلينا أن نواجه هذا الوضع لكن ينبغي تذكير الزملاء في الائتلاف أن مواجهة هذا الأمر بدون الأمريكيين يكاد يكون مستحيلا. ينبغي التنسيق معهم".

وكتب وزير الخارجية كاتس في تغريدة على تويتر أنه أمر بتشكيل لجنة خاصة للتصدي للقرار، وأضاف: "أنوي التحدث مع وزراء خارجية الدول الرائدة في العالم حتى يعارضوا قرار المدعي العام ويعلنوا ذلك. حتى لو صدرت أوامر، فإنهم لا يعتزمون فرضها على قادة دولة إسرائيل".

وعقب عضو الكنيست داني دانون على ذلك بقوله: "محكمة تضع في نفس الفئة رئيس وزراء ووزير دفاع دولة ديمقراطية، إلى جانب قادة منظمة إرهابية بدأت هجومًا إرهابيًا قُتل فيه الآلاف من الأشخاص وتم ذبح مواطنين واغتصابهم، لا يمكن تسميتها محكمة، إنها مسرح دمى يرقص وفقا لتعليمات الإرهابيين. اتوقع أن تدين الديمقراطيات الحقيقية هذا القرار المعادي للسامية".

وتطرق مقر العائلات لإعادة المختطفين إلى قرار المدعي العام، بالقول انه "يرفض المساواة بين قيادة إسرائيل وقتلة حماس، ويؤمن بأن الطريقة لإثبات ذلك مرة أخرى أمام العالم كله هي بالدخول الفوري في مفاوضات تؤدي الى إطلاق سراح المختطفين، الأحياء منهم والموتى".

3 قادة من حماس

إلى ذلك، قال المدعي العام للمحكمة كريم خان، إنه سيصدر مذكرات اعتقال بحق ثلاثة من قادة حماس وهم زعيم الحركة في غزة يحيى السنوار، بالإضافة إلى اثنين آخرين، هما محمد دياب إبراهيم المصري قائد كتائب القسام والمعروف بمحمد ضيف، وإسماعيل هنية، الزعيم السياسي للحركة.

وأوضح خان أن التهم الموجهة إلى السنوار وهنية والمصري تشمل "الإبادة والقتل واحتجاز رهائن والاغتصاب والاعتداء الجنسي أثناء الاحتجاز".

ورداً على ذلك قال سامي أبو زهري القيادي في حماس إن قرار المحكمة "مساواة بين الضحية والجلاد". وأضاف أن قرار المحكمة يشجع إسرائيل على الاستمرار في "حرب الإبادة".

وقال مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية إن "قرار المحكمة هو خلط بين الضحية والجلاد. ويتعين على المحكمة إصدار أوامر اعتقال ضد المسؤولين الإسرائيليين الذين يواصلون ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة".

ردود فعل عالمية

وصرح مسؤولون في الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، اليوم (الاثنين)، بأنهم يدرسون مقترحا يطرح للتصويت عليه لفرض عقوبات على كبار المسؤولين في محكمة لاهاي وذلك ردا على التوصية بمذكرات اعتقال ضد إسرائيليين.

وقال الجمهوري البارز ليندسي غراهام: "سأعمل بمثابرة مع زملائي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لفرض عقوبات صارمة على المحكمة الجنائية الدولية".

وستحاول إسرائيل إشراك الولايات المتحدة والكونغرس في الجهود لمنع المحكمة من إصدار مذكرات الاعتقال، لكن مصادر مطلعة على القضية تشك في قدرتها على التصدي لإصدار هذه المذكرات.

وقال رئيس وزراء التشيك ردا على قرار التوصية بإصدار مذكرات الاعتقال: "إن اقتراح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال ضد ممثلي حكومة منتخبة ديمقراطيا مع زعماء جماعة إسلامية منظمة إرهابية، أمر مروع وغير مقبول على الإطلاق".

من ناحيتها أعلنت الحكومة البريطانية أنها تعتقد بأن المحكمة ليس لها اختصاص في هذه القضية، وأضافت: "لا نعتقد أن إصدار أوامر سيساعد في تحرير المختطفين أو جلب المساعدات أو تحقيق وقف دائم لإطلاق النار".

أما وزير خارجية بلجيكا فقد رحب بهذه الاجراء قائلا: "إن الأوامر المؤسفة ضد كل من حماس والمسؤولين الإسرائيليين هي خطوة مهمة في التحقيق في الوضع في فلسطين. وستواصل بلجيكا دعم العمل الضروري للعدالة الدولية لضمان تقديم المسؤولين عن ذلك إلى العدالة".

ما صلاحيات المحكمة؟

يذكر أن إسرائيل والولايات المتحدة ليستا عضوتين في المحكمة الجنائية الدولية. ومع ذلك، تدعي المحكمة الجنائية الدولية أنها تتمتع بالولاية القضائية على غزة والقدس الشرقية والضفة الغربية بعد أن وافق القادة الفلسطينيون رسمياً على الالتزام بالمبادئ التأسيسية للمحكمة في عام 2015.

والمحكمة الجنائية الدولية هي هيئة قضائية مستقلة تخضع لاختصاصها الأشخاص المتهمون بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

وأصدرت المحكمة خلال الفترة الماضية مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي بدعوى مسؤوليته عن جرائم حرب، وهي الملاذ الأخير، إذ لا تتدخل إلا عندما لا تستطيع السلطات الوطنية القيام بوقف الجرائم أو لا ترغب بذلك أساساً.

وحاكمت المحكمتان الجنائيتان الدوليتان ليوغوسلافيا السابقة ورواندا أفراداً على جرائم ارتكبوها ضد الإنسانية، ولكن فقط تلك التي ارتكبت في ذلك البلدين خلال فترة محددة.

إلا أنه ليس للمحكمة قوة شرطة خاصة بها لتعقب واعتقال المشتبه بهم. وبدلاً من ذلك، يجب أن تعتمد على خدمات الشرطة الوطنية لإجراء اعتقالات والسعي إلى نقلهم إلى لاهاي.

هل هناك حدود زمنية لاختصاصها؟

في المقابل ليس للمحكمة ولاية قانونية بأثر رجعي- لا يمكنها التعامل إلا مع الجرائم التي ارتكبت بعد 1 يوليو/تموز 2002 عندما دخل قانون روما الأساسي حيز التنفيذ.

بالإضافة إلى ذلك، للمحكمة اختصاص تلقائي فقط في الجرائم المرتكبة على أراضي دولة صدقت على المعاهدة؛ أو من قبل مواطن من هذه الدولة أو عندما يحيل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قضية إليها.